غموض يَلف اختفاء فرنسي في الرباط.. ورسالة من والده إلى الملك محمد السادس والرئيس ماكرون تدفع النيابة الفرنسية والآمن المغربي لإعادة ترتيب الأدلة

 غموض يَلف اختفاء فرنسي في الرباط.. ورسالة من والده إلى الملك محمد السادس والرئيس ماكرون تدفع النيابة الفرنسية والآمن المغربي لإعادة ترتيب الأدلة
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأحد 7 دجنبر 2025 - 12:00

فتحت النيابة الوطنية الفرنسية لمكافحة الإرهاب تحقيقا أوليا في اختفاء المواطن الفرنسي الإسباني كليمون بيسنفيل، الذي انقطعت أخباره في الرباط منذ أبريل 2024، لتدخل القضية بعد ثمانية عشر شهرا من الغموض مرحلة جديدة قد تكسر حالة الجمود التي لازمت الملف رغم التحركات المتواصلة لأسرة الشاب على خطّي الرباط وباريس.

ومنذ أكثر من ثمانية عشر شهرا، يعيش والداه على وقع السؤال نفسه الذي لم يجد طريقه إلى أي جواب: أين اختفى كليمون بيسنفيل؟ ذلك الشاب الفرنسي ـ الإسباني، البالغ من العمر 29 عاما عند اختفائه، والذي كان قد استقر بداية سنة 2024 في شقة صغيرة على مقربة من بحر الرباط، وكان يخطط لفتح مطعم للبيتزا ويتهيأ لتوقيع عقد الإيجار يوم 15 أبريل من ذات السنة.

كل شيء كان يبدو بسيطا، عاديا، أقرب إلى بداية حياة جديدة، لكن ليلة العاشر من أبريل 2024، في حدود الساعة العاشرة والنصف، سمع الجيران صوت باب يُغلق ومنذ تلك اللحظة اختفى كل أثر لكليمون، تاركا وراءه شقة مُرتّبة كما لو كان يستعد للعودة بعد دقائق، لا بعد سنوات من الغياب.

فتحت النيابة الوطنية الفرنسية لمكافحة الإرهاب، الـPNAT، تحقيقا أوليا في القضية بعد عام ونصف من الصمت المؤلم، أعاد الملف إلى الواجهة، لكنه لم يقلّل من كثافة الغموض المحيط بالقصة. فالتحقيق الذي فُتح رسميا في 28 يوليوز الماضي لا يعني بالضرورة أن القضية تحمل طابعا إرهابيا، بل يشير إلى رغبة السلطات القضائية الفرنسية في اللجوء إلى آليات أشمل وأعمق، وإلى فتح باب الحصول على الأدلة الموجودة لدى الشرطة المغربية عبر طلب المساعدة القضائية الدولية الذي تقدمت به النيابة في أكتوبر في خطوةٌ وصفها والد كليمون ديدييه بيسنفيل بأنها قد تكون "المنفذ الوحيد للوصول إلى حقيقة لا تبدو في المتناول".

إعلان عن اختفاء الفرنسي الإسباني كليمون بيسنفيل

يوم اختفائه، لم يكن في الشقة ما يشير إلى مغادرة مستعجلة أو مخطط لها، وثائق الهوية، الحاسوب، الهاتف، النقود، النظارات كلها كانت في مكانها ،ولم تظهر أي حركة مصرفية لاحقة ولا أي اتصال من هاتفه ولا أي أثر لسفر خارج المغرب، بل إن المؤشر الوحيد المتاح للتحقيق المغربي كان تلك الشهادة التي قدّمها الجيران عن سماعهم صوت الباب يُغلق ليلا، الأمر الذي جعل تاريخ العاشر من أبريل عند حدود 22:30 آخر نقطة زمنية مؤكدة في حياة الشاب.

وأُعلن رسميا عن اختفاء كليمون في 25 أبريل لدى الدرك الفرنسي في بلدة سيلي-أون-بيير التابعة لإقليم سين إيه مارن ومن هناك انتقل الملف إلى السلطات الفرنسية ثم إلى نظيرتها المغربية، لتبدأ سلسلة من التحريات التي تقدمت ببطء شديد دون أن تكشف عن خيط قادر على تفسير الاختفاء المفاجئ لشاب كان منشغلا بمشروعه الجديد، ويستعد لبداية حياة مهنية في المغرب.

وعلى امتداد الشهور، بدا ديدييه بيسنفيل والد الشاب، وكأنه يخوض ماراثونا بلا خط وصول. ففي نهاية يونيو 2025، حاول لفت الأنظار عبر وسائل الإعلام على أمل تحريك الملف ثم عاد في منتصف نونبر للقاء قضاة النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب رفقة زوجته، وكان ذلك اللقاء بالنسبة إليه علامة على أن فرنسا لم تغلق الملف، وأن ثمة إمكانية لخلق تحقيق موازٍ يسمح بالاطلاع على ما توصلت إليه السلطات المغربية.

 وفي تحرك دبلوماسي موازٍ، كتب ديدييه رسائل إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإلى الملك محمد السادس يشرح فيها وضع العائلة، ويطلب منهما بذل "كل الجهود الممكنة" للعثور على ابنهما.

الشريان الوحيد الذي ظل يربط العائلة بالأمل كان الموقع الإلكتروني الذي أنشأه والداه ويضم صورا متعددة لكليمون بلحية وبدونها، من أجل نشر إعلان البحث بأوسع نطاق والصور، التي تُظهر شابا في مقتبل العمر بملامح هادئة، تحولت إلى رمز لانقطاع الزمن وإلى محاولة لتثبيت وجوده في ذاكرة العامة حتى لا يتحول إلى مجرد ملف في أرشيف إداري.

في مارس 2025، قررت العائلة اتخاذ خطوة أكثر حساسية حين تقدم محاميها بشكوى مرفقة بالادعاء المدني أمام نيابة ميلون، بتهمة الاختطاف والاحتجاز، وهذه الخطوة القانونية فتحت الباب لتدخل النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب لاحقا إذ أصبح للقضية إطار قانوني يفرض تتبعا دقيقا، ويسمح للجانب الفرنسي بطلب معلومات رسمية من المغرب حول تقدم التحقيق.

بين الرباط وباريس، ظل والد كليمون يتنقل بشكل منتظم رفقة زوجته، بهدف "إعادة تحريك الآلة" كما يقول، إذ يلتقيان الشرطة المغربية، ويزوران المسؤولين الفرنسيين، ويتابعان أي جديد مهما كان ضئيلا، وكل رحلة إلى المغرب كانت بالنسبة إليه فعل مقاومة ضد النسيان، وضد ما يسميه "خطر أن ينتهي ملف كليمون تحت الغبار"، يقول ديدييه: "لا نعرف أين هو ابننا، لا نعرف لماذا اختفى، لكن ما نعرفه هو أننا لا نستطيع التوقف، لا يمكن أن نتركه يُمحى".

ما يجب قوله للإسبان في مدريد؟

في الوقت الذي تعقد فيه الحكومة الإسبانية ونظيرتها المغربية، اليوم الخميس، بمدريد الدورة الثالثة عشرة من الاجتماع الرفيع المستوى، مع ما يعكس ذلك من تطور كبير في العلاقات الثنائية بين ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...